العلمانية
رئيسة وزراء نيوزيلندا تحض على الحد من انتشار الكراهية

نك بيري

الجمعة 6 كانون لأول 2019

جاسيندا أرديرن تسعى إلى منع رجل متهم بقتل 51 مصليا مسلما من نشر رسالة الكراهية خلال محاكمته.

قالت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، إنها ستبذل كل ما في وسعها لمنع رجل متهم بقتل 51 مصليا مسلما من نشر رسالة الكراهية خلال محاكمته. وتأمل في أن تتمكن برامج الذكاء الاصطناعي من إيقاف بث هذه الهجمات مباشرة عبر شبكة الإنترنت في المستقبل القريب.

وفي مقابلة أجرتها مع وكالة الأسوشيتد برس، الخميس، وصفت رئيسة الوزراء قراراتها بعد الهجمات التي شنها أحد المتطرفين على مسجدين في مدينة كرايستشيرش بتاريخ 15 مارس، بأنها تتضمن إدخال إصلاحات صارمة في القوانين التي تنظّم الأسلحة النارية وبدء نقاش عالمي حول منع خطاب التطرف الذي يحث على العنف من الإنترنت.

ويواجه الأسترالي الأبيض البالغ من العمر 29 عاما، برينتون تارانت، 51 تهمة بالقتل و40 تهمة بمحاولة القتل، وتهمة بالإرهاب، وسيُحاكم في يونيو القادم. وتعتقد أرديرن أنه سيحاول استغلال المحاكمة للترويج لآرائه.

وقالت رئيسة الوزراء “تتضح لنا بعض من دوافع هذا الفرد، وتكمن في إنشاء منصة لآرائه. وأعتقد أن علينا استغلال كل فرصة ممكنة لحرمان الإرهابي من تحقيق هدفه الحالي”.

وأشارت إلى أن قدراتها تبقى محدودة، لكن تعهّد وسائل الإعلام الرئيسية في نيوزيلندا بتجنب الترويج لأيديولوجية سيادة البيض عند تغطية المحاكمة، شجّعها.

وقالت أرديرن إنها متمسكة بقرارها المتمثل في تجنب ذكر اسم المسلح المتهم. ويرجع موقفها إلى رغبتها في حرمان شخص وظّف العنف للترويج لنفسه من الشهرة التي ستنتج عن التعريف به كل مرة.

ونجح المسلح في بث الهجوم الدامي مباشرة على موقع فيسبوك. وأعربت أرديرن عن أملها في تمكّن الذكاء الاصطناعي من منع بث هذا النوع من الهجمات في المستقبل، وتحمّل الجميع مسؤولية منع تواصل هذه التغطيات المباشرة.

وقالت، “اتخذ فيسبوك خطوات لتعديل الطريقة التي يستخدم بها المشاركون خاصية البث الحي وأولئك الذين سيواصلون التمتع بها. وأعتقد أن استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سيتزايد في هذا المجال في المستقبل”. وقالت أرديرن إنها كانت على مشارف بلدة نيو بلايموث التي تقع في ساحل الجزيرة الشمالية الغربي عندما سمعت عن وقوع الهجمات.

ومن جانبه، قال فريد أحمد الذي قُتلت زوجته حسنة في الهجوم على مسجد النور، إن النيوزيلنديين كانوا مشوشين ولم يتمكّنوا من التفكير بهدوء، لكن رئيسة الوزراء تمكنت من السيطرة على الفوضى. فبعد أسبوع من الحادثة، ألقت أرديرن خطابا متلفزا أكّد أحمد أنه وحّد المستمعين بثلاث كلمات بسيطة؛ “نحن شعب واحد”.

قالت أرديرن إنها مازالت تحتفظ بالورقة التي أسرعت إليها لكتابة ما بداخلها إثر الهجوم، وهي كلمات تردد صداها حول العالم. وأشارت إلى أن الكلمات نبعت من غريزتها التي حددت الطريقة التي سيشعر بها النيوزيلنديون عند سماع الخبر. وأضافت، “نعم، كان هذا هجوما صريحا على المجتمع المسلم. لكن الضحايا كانوا من مجتمعنا المسلم. شعرت بضرورة تأكيد ذلك على الفور”.

وصرّحت بأن الفوضى دفعت الكثيرين بعيدا عن تحليل ما كانوا يفعلونه أو يقولونه، وكانت استجابتهم في الغالب محمّلة بخصال الرحمة والتعاطف من الضحايا. ورغم توجيه العاطفة للجميع في ذلك الوقت، لم تستطع رئيسة الوزراء ترك ذلك يعيق عملها.

تعهدت أرديرن بتغيير قوانين الأسلحة النيوزيلندية بعد الهجمات. وفي أقل من شهر، صوّت جل المشرعين الـ120 في البلاد، باستثناء واحد، لصالح حظر الأسلحة التي يمكن أن توظفها أي جهة لشن هجمات عنيفة.

وترى رئيسة الوزراء في هذا القرار أمرا عمليا جاء نتيجة لسلسلة منطقية من الأفكار. وقالت، “عندما رأينا حجم الأسلحة المستخدمة وتأثيرها، أدركنا أننا لسنا في حاجة إليها”.

شهدت خطة إعادة الأسلحة إلى السلط المعنية، والتي تنتهي خلال الشهر الحالي، تسليم 37 ألف سلاح إلى الشرطة بعد أن أصبح امتلاكها محظورا. ورغم هذا العدد الهائل، تشير بعض التقديرات إلى عدم تسليم البعض للآلاف من الأسلحة المحظورة الأخرى.

لكن رئيسة الوزراء حافظت على تفاؤلها قائلة إن النسبة المسجّلة تمثّل “عشرات الآلاف من الأسلحة التي لم تعد متداولة، وهذا أمر جيد”.

وفي كلمة ألقاها بعد الهجمات، أخبر أحمد جمهورا متكونا من حوالي 20 ألف شخص في كرايستشيرش بأنه سامح الرجل الذي قتل زوجته، مشيرا إلى أنه لا يريد أن يبقي قلبه يحترق بمشاعر الغضب والكراهية.

ومن جانبها، قالت أرديرن إنها تعتبر أحمد رجلا استثنائيا وغير عادي. وعندما سئلت عمّا إذا كانت تستطيع أن تسامح المسلح، أعادت تركيز الحوار على من كانوا في المسجدين، مؤكّدة أنهم المعنيون الوحيدون بهذا القرار.




المصدر: العرب اللندنية